كانت ومازالت الطاقة الشمسية من أهم الطاقات المتجددة التي توالت الدراسات العالمية لاستخدامها كبديل عن الطاقة الكهربائية، التي باتت تحدث مشاكل جمة في الآونة الأخيرة لمستخدميها.
سواء بالانقطاع المتكرر أو بالمخاطر الصحية والبيئية الناتجة عن استخدام الوقود التقليدي في تشغيل مولداتها، والسبب في ذلك ما تتمتع به من مميزات كون مصدرها – الشمس- وهي مصدر طبيعي ونظيف ومجاني ولا ينضب أبدًا.
قديمًا استخدمت الطاقة الشمسية الحرارية في عملية التسخين عبر لواقط تسمى مجمعات شمسية، واعتمد عليها الإنسان في السخان الشمسي داخل المنزل، بالإضافة إلى توليد الكهرباء عبر توربينات بخارية تستخدم في التدفئة أو التبريد.
ومع تطور العالم ووجود العديد من المشكلات، كازدياد أسعار الوقود التقليدي عالميًا، وتزايد الأخطار البيئية والمناخية الناتجة عن الانبعاثات الغازية جراء حرق الوقود.
كان الاتجاه إلى تطوير استخدام الطاقة الشمسية الفولتوضوئية "الخلايا الشمسية" للاستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائية، والحد من المشاكل التي طفت على السطح، وأهمها انقطاع التيار الكهربائي في مختلف أنحاء العالم.
الخلايا الشمسية الفولتوضوئية:
يعود اختراع الخلايا الشمسية إلى بداية الأربعينيات من القرن الماضي، وتحديدًا عام 1941 حيث تمكن المخترع الأمريكي روسل أوهل من إنتاج أول خلية شمسية، مصنوعة من السليكون.
ومن ثمَّ توالت الدراسات والأبحاث لإنتاج الخلايا الشمسية. وتطورت الدراسات لإمكانية الاستفادة من الخلايا الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية.
خاصة في ظل الأزمات التي تعرض لها قطاع الكهرباء في العالم، سواء بالانقطاع المتكرر نتيجة ارتفاع أسعار الوقود التقليدي عالميًا، أو بإحداث الوقود المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية لأضرار خطيرة على الصحة والبيئة والمناخ.
وتعد الخلايا الشمسية محولات فولتوضوئية تعمل على تحويل ضوء الشمس المباشر إلى كهرباء، وتصنع من أشباه موصلات غالبًا ما تكون من السيلكون المعالج كيميائيًا؛ لإعطاء جانب واحد شحنة موجبة، وجانب آخر شحنة سالبة وهي آمنة موثوقة وصديقة للبيئة، وعمرها الافتراضي يصل إلى عشرين عامًا.
تكوين الخلايا الشمسية:
وتشير الدراسات التي تناولت تكوين وآلية عمل الخلايا الشمسية إلى أنها تتكون من طبقتين من أشباه الموصلات، وفيها يتم ترتيب طبقات من رقائق السيلكون ومواد أخرى، والأسلاك الناقلة للتيار الكهربائي وفق نظام هندسي.
وحين تتعرض الخلية إلى الضوء العادي أو ضوء الشمس يتحرر منها أزواج من الإلكترون، تتجمع عند السطح الأمامي والخلفي للخلية، وتؤدي إلى سريان تيار كهربائي ينتقل عبر الأسلاك الكهربائية، يستخدم في تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية بقدرة كهربائية واحد وات.
صعاب وعقبات:
وعلى الرغم من أن الخلايا الشمسية مصدر مثالي لإنتاج الطاقة الكهربائية، إلا أن إنتاجها يواجه مشكلة كبيرة تتمثل في ارتفاع تكلفة الإنتاج، الأمر الذي لا يمكن معه التوسع في استغلالها. وقد عمد الباحثون في هذا المجال مؤخرًا إلى إعداد العديد من الدراسات التي من شأنها تخفيض إنتاج الخلايا الشمسية.
وذلك من خلال زيادة القدرة التحويلية لها، وتوصلت بعض الدراسات إلى تحقيق نتائج جيدة، حيث تم تحويل نسبة 32.3% من الطاقة الشمسية الداخلة إلى الخلايا إلى تيار كهربائي.
ويسعى الباحثون إلى زيادة النسبة إلى 40% مما يترتب عليه زيادة في مقدار الطاقة الكهربائية الناتجة عنها، بالإضافة إلى تقليل حجم الخلايا وتقليل كلفة إنتاجها، ويؤدي إلى الحد من ظاهرة التلوث البيئي على الأرض.
وبحسب دراسة أمريكية فإنه تم التوصل إلى تطوير تكنولوجيا لإنتاج خلايا شمسية رخيصة الثمن، يمكنها امتصاص الطاقة حتى بعد غروب الشمس.
وأشارت الدراسة إلى أن الخلايا الحديثة يمكنها امتصاص 4 أضعاف ما تمتصه الخلايا الشمسية المتوفرة في الأسواق، ويطلق على الخلايا الجديدة خلايا النانو أو رقائق النانو، وتعمل على امتصاص الضوء غير المرئي تحت الأشعة الحمراء وكذلك الضوء المرئي.
غزة المحاصرة وتجربة الطاقة الشمسية:
وعلى الرغم من أن استخدام الطاقة الشمسية بدا وفقًا للدراسات والأبحاث حكرًا على الدول المتقدمة، إلا أن الفلسطينيين عمدوا إلى التجربة لإنتاج طاقة كهربائية تخلصهم قليلًا من معاناة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
خاصة بعد تدمير خطوط الكهرباء الرئيسية في القطاع من قبل الاحتلال إبان عملية أسر الجندي جلعاد شاليط، وما لحقها من اعتداءات على الممتلكات العامة الفلسطينية، وكذلك بعد تفاقم المشكلة بالحصار وسياسة الاحتلال في حرمان القطاع من الوقود المشغل للمولدات الكهربائية في محطة التوليد الوحيدة التي تمد قطاع غزة بالكهرباء.
فالمواطن عزمي نصر من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة عمد إلى استخدام ألواح السيزيام بلونيها الأسود والفضي في إنتاج طاقة كهربائية تمكنه من التغلب على مشكلة انقطاع التيار الكهربائي الدائم في بيته.
وبشيء من التفصيل يسرد المواطن نصر تجربته قائلًا: "أنه قام بصنع ألواح من السيزيام سواء الفضية أو السوداء وثبتها فوق حامل حديدي، ومن تحتها عمد إلى تشبيك بعض الأسلاك في بطارية ومحول كهربائي، وعند انقطاع التيار الكهربائي تمده بالكهرباء".
وأضاف أن كل لوح من ألواح السيزيام إذا ما تعرض إلى لضوء طبيعي أو صناعي يعمل على إنتاج 75 وات، ناهيك عن وجود مادتي السيلكون وجيرمانيوم اللاتي تمنحاه طاقة كهربائية مجانية، واستكمل أن حالة الطقس المشمسة في حوالي 85% من أوقات السنة.
وما توفره من طاقة ضوئية ينجح مشروعه في إنتاج الطاقة الكهربائية؛ للتخلص من أزمة الانقطاع المتكرر. لافتًا أن تعرض الألواح للضوء يتحول مباشرةً إلى طاقة كهربائية يمكن استخدامها بشكل عملي ومباشر.
من ناحية أخرى يشير عزمي نصر والذي يعمل مدرسًا لمادة العلوم في إحدى مدارس مدينة دير البلح، إلى تكوين جهاز توليد الطاقة خاصته، والذي اخترعه للتغلب على ظروف الحصار وأهمها مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.
فهو يتكون من أربعة أجزاء ألواح شمسية مثبتة، ومحول بقدرة 12 فولتا يعطي 220 فولتا، بالإضافة إلى لوحة تحكم بالشحنة الكهربائية. وأخيرًا بطاريات 110 أمبيرا لتخزين الطاقة نهارًا واستخدامها ليلًا على حد تعبيره.
وأضاف أن الألواح تعمل على امتصاص أشعة الشمس بشكل كبير؛ نتيجة ما تحتويه من وحدات تقدر ب36 وحدة جميعها متساوية الحجم، وكل منها تعطي 2وات إذا ما تم توصيل الألواح بالتوازي، ثم أخرج منها قطبين سالب وموجب واستكمل أن جهاز التوليد يحتوي على وصلة كهربائية تمتد من سطح المنزل.
ويعمد إلى توصيلها بشبكة كهرباء البيت، ومن ثم تمنحه الطاقة الكهربائية تمامًا كمن يحصل عليها من مصدر خارجي كأعمدة الكهرباء، ومن خلالها يستطيع تشغيل الأدوات الكهربائية في منزله أثناء انقطاع التيار الكهربي.
مشيرًا إلى أن الطاقة الكهربائية المنتجة تشغل بعض الأجهزة الكهربائية كالتلفزيون والمروحة، بالإضافة إلى إنارة المنزل على مدار ست ساعات، وإذا ما تم الاكتفاء بالإنارة فإن الطاقة الكهربائية تستمر لـ12 ساعة.
تطوير الخلايا الشمسية:
ويرى البروفيسور الألماني كريستوف برابيتش من جامعة إيرلانجن نورنبرج أن هناك اتجاها إلى تطوير خلايا شمسية شديدة المرونة في طبقات رقيقة من الملابس، مبينًا أنها يمكن أن تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، بحيث تصبح متوفرة مع الإنسان في أي مكان؛ ليستفيد منها في كافة الأغراض اليومية كشحن الهاتف مثلًا.
وأضاف البروفيسور الألماني أن انتشار الخلايا العضوية سيكون ممكنًا خلال الأعوام الخمسة عشر القادمة، لافتًا إلى أن تلك الخلايا هي خلايا شمسية وتمتاز المادة التي تدخل في تصنيعها، وهي عبارة عن أشباه موصلات عضوية لها القدرة على امتصاص الضوء وتحويله إلى تيار كهربائي.
مؤكدًا أنها تبتعد عن عيوب ومخاطر الخلية الشمسية التقليدية الزجاجية، والتي معها يصعب التحرك في كل مكان دون أن تتعرض للتلف.
واستكمل شارحًا مميزات الخلايا العضوية: حيث تمتاز بالمرونة، فيمكن ثنيها، ولفها، وطيها، بالإضافة إلى أنها مزودة بمأخذ كهربائي لأخذ الطاقة المكونة فيها لشحن الهاتف أو الكمبيوتر المحمول.
الكاتب: هبة فتحي
المصدر: موقع لها أون لاين